الضاحك الباكي

الضاحك الباكي هو اللقب اللي لازم نجيب الريحاني خلال مسيرته الفنية واستمر لحد وقتنا الحالي ، وطبعا ده كان بسبب أعماله التراجيدية المتنوعة بين الضحك والبكاء و اللي اتقنهم ببراعة ليحصل على اللقب بجدارة. خلونا نتكلم شوية عن قصة حياته واللي برضو متقلش كتير عن لقبه .. اتولد نجيب الريحاني في القاهرة لأم مصرية وأب عراقي وكانت اسرته ميسوره الحال عشان كدا اتعلم نجيب واخواته في أرقى المدارس في القاهرة ، والتحق نجيب بمدرسة الفيير الفرنسية وكان بيحبها جدا في الواقع وكان بيقضي وقت كبير جدا في قراءة الأدب الفرنسي والعربي ، وده خلاه طليق جدا في الإلقاء والكتابة باللغة الفرنسية وكان تحديدا متأثر جدا بأدب الفرنسي الساخر موليير وكمان ترجم له معظم أعماله للغة العربية . لاحظ وقتها الشيخ بحر موهبة نجيب الريحاني الفريدة ، فاختاره رئيس فريق التمثيل وكان ده طبعا سبب لتعرضه طول الوقت من التأنيب من والدته بسبب انه كان يتدرب على أدواره في اوضته لساعات طويله وكمان بصوت عالي . ولكن ده للاسف مستمرش كتير لان كل الأحوال اتبدلت بسبب وفاة والده ،لأن والده ترك ثروته بالكامل لبنت أخته اليتيمة ، فأضطر نجيب الريحاني يسيب الدراسة بعد حصوله على الثانوية واتجه للعمل في البنك الزراعي لمساعدة أسرته . والغريب ان ده كان بداية لحياة نجيب الريحاني الفنية ، لأنه اتعرف هناك على عزيز عيد واللي كان خريج مسرح ، ومعداش وقت طويل وبقوا اصدقاء وانضم نجيب إلى فرقه عبد العزيز ، وبسببها كانوا بيتغيبوا بشكل مستمر عن البنك وده طبعا ادي لفصلهم هما الاتنين . ولكن ده عطي فرصة أكبر لنجيب الريحاني عشان يتبع شغفه في التمثيل وبالفعل كان متميز جدا في العروض وكان بيخطف الأنظار في أدواره ، وده اللي زود غيره عزيز ووصله انه يطرده من فرقته ، لينضم نجيب الريحاني بعدها إلى فرقة عطا الله واللي كانت على مستوى من الشهر ليحصل على عرض مغري منهم وهو " ٤ جنيهات في الشهر " ، وكالعادة بيحقق نجيب نجاح خلي البعض يأكدوا ان هو فعلا تغلب على البطل نفسه ودي كانت شهادة زملائه وكمان الجمهور نفسه . ليتم استدعاءه بعدها من مدير الفرقه الاستاذ سليم ، فتبدأ الآمال تتصاعد في مخيلته ويتخيل العلاوه اللي هيحصل عليها نتيجه العرض المذهل اللي قدمه طبعا، ولكن للاسف تنهال عليه كلمات الاستاذ سليم وهو بيقوله " انا متأسف يا نجيب أفندي الفرقه استغنت عنك " ، ويذكر نجيب الريحاني أن صدى الكلمة فضل مأثر فيه وفاكره طول الوقت . وتبدأ من تاني رحلة نجيب الريحاني في انه يدور على فرصه للفن ، ولكن للأسف كانت مليئة بالخيبات لأنه فضل كتير يدور وبدون فايده ، وده خلاه يراجع نفسه ويتساءل هل سعيه في مجال التمثيل بفايده فعلا ! . ليستغني بعدها عن شغفه ويبدأ يدور على وظيفه يقدر من خلالها يأمن مصدر دخل ، وبالفعل لقى وظيفه مناسبه في شركة السكر بنجع حمادي واللي كانت فرصه كويسه ليه انه يبعد عن العاصمة وما فيها من شقاء ، ليترك نجيب الوسط الفني الذي عشقه وتمناه دوما . وبعد ٧ أشهر من فقط من الغياب ، يرجع نجيب الريحاني من تاني ويسيب عمله في شركة السكر ، لتصبح قهوة الفن ملاذه . كان صاحب القهوة يوناني الأصل ومحب جدا للفن والفنانين ، وعشان كدا ساعده وعرفه على مجموعه من الفنانين اللي انشأ فرقته من خلالهم ، وكانت بدايتهم من خلال كراج حولوه لمسرح ولكن بدون كراسي فكان اللي حابب يشوف العرض يجيب كرسية معاه . وبسبب عبقريته الفنية اذهل الجمهور كالعادة وحبوه جدا ، ومن بعدها تحسنت أحوال الفرقة وبدأوا يعرضوا عروضهم في مسرح بريتانيا في القاهرة ، ليقرر نجيب أنه يتخلى عن فرقتة بعد كدا ويعود بخبرته المسرحية الكبيرة ويستغلها واللي قدر من خلالها يعرف مكامن قدراته التمثيلية ، ليحصل على فرصه عظيمه للعمل على مسرح إبى دي روزو واللي قدمها له استيفان روستي ، ومن خلال الفرصه دي ابتكر شخصية "كشكش بيه" وارتبطت بشكل كبير مع اسمه بعد كدا . اتجه نجيب بعدها للشراكة مع الخواجة ديموكوز جاس واشتروا مقهى حولوه لمسرح وسموه " الايجيبسانجيه" واللي حمل اسمع بعد كدا ، و اتقدمت على المسرح ده عروض استثنائية كانت نقطة تحول في تاريخ الفن الاستعراضي المصري والعربي ، وبسببوا كانوا بيروحوا جولات كتيره جدا في تونس والجزائر . وبعد غياب سنة ونص عن المسرح قرر نجيب يرجع تاني ويعرض مسرحياته من تأليف صديقه المقرب بديع خيري ، وحققت نجاح كبير جدا وكانت قريبة جدا من الناس و حياتهم ومشاكلهم ، واللي منهم مسرحية " الشايب لما يتدلع " وحتى آخر مسرحياته "حسن ومرقص وكوهين " . ليسعى بعدها لتحويل مسرحياته الناجحة إلى الشاشة وبالفعل بالتعاون مع استيفان روستي في الكتابة والاخراج يتم إحياء شخصية "كشكش بيه " من تاني عن طريق فيلم "صاحب السعادة كشكش بيه " وبعد النجاح الساحق اللي حققه الفيلم يكرر التجربة من تاني عن طريق فيلم " حوادث كشكش بيه " واستعان في كتابته بصديقه بديع خيري . لتتوالى الافلام من بعدها زي ( ياقوت ، بسلامته عايز يتجوز ، سلامه في خير ، سي عمر ) ومن بعدهم قدم فيلمين من اشهر افلامه للوقت الحالي وهما ( لعبة الست ، احمر شفايف ) ويستمر نجاح نجيب الريحاني . وفي عام ١٩٤٩ م ، أثناء تصوير فيلم "غزل البنات" وبالمناسبة يعتبر الفيلم ده من كلاسيكيات السينما المصرية وقدم من خلاله شخصية " الأستاذ حمام " المتميزة ، ولكن للأسف ترك مشاهده دون أن تكتمل لأنه رحل عن عالمنا ، ليترك لنا اعماله المتألقه وفنه المتميز .